الحارث: اختر من شئت. قال مهلهل: <أختار> الشيخ القاعد، عوف ابن محلّم. قال الحارث: يا عوف، أجره. قال: لا، حتّى يداري بظلّي.
فأمره، فقعد خلفه. وقال حينئذ: أنا مهلهل.
وفي هذه الوقعة قتل عمرو وعامر. قتلهما جحدر، وذلك في حومة الجولان؛ شدّ على عامر فاعتوره عمرو، فطعن عمرا بعالية الرمح، وطعن عامرا بسافلته، فقتلهما جميعا.
قال مقاتل: فلمّا رجع مهلهل بعد الوقعة والأسر إلى أهله، جعل النساء والولدان يستخبرونه: تسل المرأة عن خليلها وابنها وأخيها، والغلام عن أخيه وأبيه وذويه وأقاربه. فقال مهلهل (من الخفيف):
ليس مثلي يخبّر النّاس عن آ ... بائهم قتّلوا وينسا القتالا
لم أرم عرصة الكتيبة حتّى ... انتعل الورد من دماء نعالا
عرفته رماح بكر فما يأ ... خذن إلاّ لباته والقذالا
(٢٤٨)
غلبونا ولا محالة يوما ... يقلب الدّهر ذاك حالا فحالا
ثمّ خرج حتّى لحق بأرض اليمن، في حديث طويل.
وقال عامر بن عبد الملك: لم يكن بينهم من قتلى تعدّ وتذكر إلاّ