بالسّبق، وما زالوا كذلك حتّى وصل داحس وفي وجهه أثرا لطمة قد أثّرت في صفحات خدّه، (٢٧٠) وأخبره راكبه بما جرا، فكادت مرارة قيس تنفطر حنقا، ودمدم عنتر وجرّد حسامه، وأراد أن يهجم على بني بدر، وتصايحت الفرسان، وزمجرت الأبطال، وسلّت السيوف، وغلت الدّماء، وانقلبت الدّنيا، ولا بقي إلاّ أن تحمل العرب بعضها على بعض. فدخلت المشايخ والسادات، وكشفت الرؤوس خوفا على البنين والبنات، ودخلوا بين الجموع، وردّوا الناس بالسؤال والخضوع. وما أمسا المساء حتّى اتّفقوا أن تكون المائة ناقة من مال بني فزارة لشيبوب لأجل سبقه، وخلا حذيفة اللّجاج في طلب المال، لأجل لطمة داحس، وعاد وفي قلبه نار لا تطفى، ولا سيّما لمّا سمع بقتل دامس عبده.
وأما قيس فإنّه رجع وفي فؤاده من أجل لطمة جواده حزازات، وعنتر يقول: أيّها الملك، وحقّ نعمك وصدقات أبوّتك لأفنينّ بني بدر، لأنّهم يطلبون الظّلم والغدر، ولا بقيت أظفر منهم بأحد إلا وسقيته كأس العطب.
وافترقوا، وكلاّ يعظّ كفوفه حنقا. وسيقت النوق إلى شيبوب، فنحر وأولم وأطعم وفرّق على الصعاليك من الطائفتين.
. . . كان بعد أيّام <أن> اجتمعت جهّال بني فزارة إلى حذيفة، وقالوا: كيف تركت رهنك يا با حجار، بالكلام الفشار؟ ولم يزالوا به معما فيه من الخفّة، حتّى أنفذ ولده ندبة، وكان يكنى أبا فراقة، وقال: اذهب