للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دماغها، وهي بين الإماء يندبونها. فلمّا عاينوا بنوها ذلك طلبوا آثار بني بدر بعدما كانوا قد عفوا عنهم. فلحقوهم على جفر الهباءة، وهو ماء قريب من ديارهم. وكان لحذيفة بن بدر ولد يقال له حصن، جميل الصورة، وكان أبوه لمّا نزل هو وإخوته على الماء، علموا أنّ بني عبس تدركهم هناك، وحقّقوا الموت. فقال لولده: هذا آخر العهد منك، ولا تغفل عن ثأر أبيك وأعمامك، فأنا أعلم أنّ قيس يبقي عليك بما أوصيك أن تفعله، وذلك إذا رأيت <أنّهم> قد أتوا علينا ولم يبق غيرك، فارتمي على أقدامه وقل له:

يا عمّ، لا تدع أحدا يقتلني غيرك. وامتدّ قدّامه على (٢٧٦) حفير الوادي.

فهو معه في الكلام، وإذا قد طلع عليهم خيول بني قيس، يتقدّمهم قيس بن زهير وإخوته وبني زياد، وعنتر بن شدّاد، في جماعة بني قراد، وقيس ينادي برفيع صوته: لبّيك لبّيك يا والدتاه، لبّيك لبّيك يا أخاه! ثمّ قال: يا بنو بدر، إلى كم هذا الجور والعناد والبغي؟! ها قد حلّت بكم النوائب، وعن قليل تندبكم النوادب. فصاح به حصن: يا عمّاه، هذا وقت المعروف يا طيّب اللّبن. فلطمه أبوه أرداه على قفاه، وقد استقتل. وقال:

يا بني زهير، دونكم وما تشاوا، فوحقّ ألاّت والعزّى، لو ظفرنا بكم ما أبقيناكم وإنّ أبقيتمونا، فاغتنموا فرصة الدّهر، ودعونا من المحاورة،