وكان اسم الخادم الذي أتته بالتمر: ميّ، فخاطبها بذلك الخطاب.
فلمّا سمعت الخادم ذلك خجلت، وقالت: يا سيّد الكرم، إنّما أنا رسول وليس عليّ ملام. وهذا التمر بين يديك، اصنع به ما أحببت. قال: فقسّم التمر أربعة أقسام، ودار على قومه، أي رفقاه. فعادت الجارية وأخبرت مولاتها بما عاينت وبما قال حاتم من الشّعر. فقالت ماويّة: أحسنت والله يا حاتم، وعلى مثلك كنت أدوّر.
فلمّا كان عند الصباح أخضرتهم إلى مضربها، وجلست لهم من وراء حجاب، وقالت: يا سادات العرب، ليقل كلّ منكم حاجته. فقالوا الثلاث النفر: نحن أتينا خطّاب، وهذا ما نعلم قصده-يعنون عن حاتم. فقال:
أمّا أنا، فعابر سبيل، طالب النّعمان بسبب كيت وكيت. فقالت: ليذكر لي كلّ واحد حسبه ونسبه وعيشته ومسكنه حتّى أدري أخباركم، وليكن الجواب منضوما لأعلم فصاحته من مقالته.
فابتدر النّابغة الذّبيانيّ وقال (من البسيط):
هل لا تسألي بني ذبيان ما حسبي ... عند الطّعان إذا ما احمرّت الحدق
وجالت الخيل مبتلا حوافرها ... بالماء يقطر عن لبّاتها العرق