وهو أحد الأشراف الذين حطّ من قديرهم الشعر وغضّ منهم القريض. وكان ذا رئاسة في قومه وشرف وتسوّد، فلمّا قال الشعر غلب عليه ونسب إليه.
قلت: ولله <درّ> القائل: الشعر يحطّ من قدر الكامل كما يرفع من قدر الجاهل، وقول الآخر: الشعر نقيصة (٣١٠) الكامل وحكمة الناقص.
وقول الآخر: الشعر يضع من قدر الشريف كما يرفع من قدر السّخيف.
روى الأصمعيّ: كان يضرب للنّابغة قبّة من أدم بسوق عكاظ فتأتيه الشعراء فتعرض عليه أشعارهم، فأنشدته الخنساء يوما بمحضر حسّان بن ثابت الأنصاريّ تقول (من البسيط):
فإنّ صخرا لمولانا وسيّدنا ... وإنّ صخرا إذا يشتو لنحّار
وإنّ صخرا لتأتمّ الهداة به ... كأنّه علم في رأسه نار
فقال: والله لولا أنّ أبا بصير أنشدني آنفا لقلت: إنّك أشعر الإنس والجن. فقام حسّان بن ثابت فقال: والله لأنا أشعر منك ومن أبيك. فقال له النابغة: يا ابن أخي، أنت لا تحسن <أن> تقول (من الطويل):