موضعه عند ذكر الأعياص من قريش ونسبهم، إن شاء الله تعالى.
وكان النّابغة الذّبيانيّ والمنخّل اليشكريّ في منادمة النّعمان بن المنذر، وكان النّابغة مليحا عفيفا والمنخّل اليشكريّ قبيحا فاسقا. وكانت المتجرّدة تهوى المنخّل لفسقه. وكان النّعمان مكرّما للنّابغة مبجّلا له دون المنخّل. فحسده على منزلته وقربه المنخّل اليشكريّ وخاف أن تنظره المتجرّدة فتهواه لجماله وقربه من النّعمان وتتركه. فعمل الحيلة في إبعاده عن النّعمان أو قتله.
واتّفق أنّ النّعمان قال للنّابغة: امدح لي المتجرّدة واذكر جميع محاسنها. ففعل هذه الأبيات الّتي أوّلها يقول (٣١٤، من الكامل):
أمن آل ميّة رائح أو مغتدي ... عجلان ذا زاد وغير مزوّد
إلى أن وصل في صفتها شيئا فشيئا إلى قوله:
وإذا طعنت طعنت في مستهدف ... رابي المجسّة بالعبير مقرمد
وإذا نزعت نزعت عن مستحصف ... نزع الحزوّر بالرّشاء المحصد
فتخيّل النّعمان من قوله، وقال له النّعمان: كيف رأيت يا منخّل؟ فقال: لو لم يعاين لم يذكر. فتغيّر النّعمان على النّابغة. وبلغ النّابغة قول المنخّل، فعلم أنّه مقتول إن قعد، فهرب إلى اليمن وقال: يكون المنخّل الخائن وأنا الأمين، وأنسب دونه إلى الخيانة وقد عمل على قتلي.