تقدّم من خبره، أودع السّموأل ثقله وكراعه، فبلغ الحارث بن أبي شمر الغسّاني، وهو الحارث الأكبر، فبعث يطلب من السموّل وديعة امرء القيس، فأبى عليه. وكان للسموأل ولد خارج الحصن يتصيّد، فقطع عليه الحارث الطريق فأخذه ونزل على السموأل وقال: تعطيني وديعة امرئ القيس وإلاّ قتلت ولدك صبرا وأنت تنظر. فقال أنظرني. ثمّ نفذ إليه يقول:
الولد منه العوض، والغدر لا يغسله عنّي شيئا، فاصطنع ما شئت أن تصنع.
فقتل ولده صبرا بمرأى من أبيه من أعلا حصنه. فلذلك قول الأعشى:
فشكّ غير كثير ثمّ قال له ... اقتل أسيرك إنّي مانع جار
وضرب المثل بحسن وفائه.
وقيل: أنشد بحضرة عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، هذين البيتين في السموأل، فقال عمر: وددت أنّهما عشرة أبيات على هذا النّسق، لشدّة إعجابه بهما.
قلت: والسموأل هذا صاحب القصيدة الّتي أبنتها في كتابي المسمّى بحدائق الأحداق ودقائق الحذّاق في باب الافتخار، أوّلها يقول (من الطويل):
إذا المرء لم يدنس من اللّؤم عرضه ... فكلّ رداء يرتديه جميل
منها يقول:
تعيّرنا أنّا قليل عديدنا ... فقلت لها إنّ الكرام قليل