وقال: كان لبيد من أجواد العرب، وكان قد آلا على نفسه في الجاهليّة ألاّ تهبّ صبا إلاّ نحر وطعم، وكان له جفنتان يغدوا بهما ويروح في كلّ يوم على ناد قومه، فأنفق جميع ماله على هذه الصّفة. فلمّا كان الوليد بن عقبة على الكوفة من قبل عثمان بن عفّان، رضي الله عنه، فهبّت الصبا يوما والوليد على المنبر يخطب بالناس، فقال في أثنى كلامه: إنّ أخاكم لبيد بن ربيعة نذر في الجاهليّة ألاّ تهبّ صبا إلاّ نحر وطعم، وهذا يوم من أيّامه، فأعينوه، وأنا أوّل من فعل. ثمّ نزل فأرسل إلى لبيد مائة بكرة برعاتها، وكتب إليه يقول (من الوافر):
أرى الجزّار يشحذ شفرتيه ... إذا هبّت رياح أبي عقيل
أشمّ الأنف أبيض جعفريّ ... طويل الباع كالسّيف الصّقيل
وفى ابن الجعفريّ بما لديه ... على العلاّت والمال القليل
بنحر الكوم إن سحبت عليه ... ذيول صبا تجاوب كالأصيل
قال: فلمّا بلغ هديّته وأبياته لبيدا قال: أما والله لولا أنّني آليت أن لا