أقبل على الدّارمي فقال: أتروي هذا الشعر؟ قال: لا. قال (٣٣٧):
أفتعرف قائله؟ قال: لا. فقال: ويحك! رجل من قومك له مثل هذه النّباهة، وقد قال مثل هذه الحكمة، لا ترويها ولا تعرفه؟ ثمّ التفت إلى مولى له فقال: يا مزاحم، أثبت شهادة هذا عندك لأسل عنه، فإنّي أظنّه ضعيفا.
وقال المدائنيّ: عبر عمر بن عبد العزيز، رحمة الله عليه، يوما بقصر من قصور آل جفنة، وقد خرب، ومعه مولاه مزاحم، فتمثل مزاحم يقول بقول الأسود بن يعفر حيث قال (من الكامل):
جرت الرّياح على محلّ ديارهم ... فكأنّما كانوا على ميعاد
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة ... في ظلّ ملك ثابت الأوتاد
فإذا النّعيم وكلّما يلهى به ... يوما يصير إلى بلى ونفاد
فقال عمر: ألا قرأت {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ}.
قلت: وأوّل هذا الشعر يقول:
نام الخليّ وما أحسّ رقاد ... والهمّ محتضر لديّ وباد