شجرة بحيث إذا حملها سترته. فقطعوا القوم ذلك وحملوا الشجر بأيديهم على الخيل وساروا. فأشرفت الزّرقاء كعادتها، فقال لها قومها: ما تري يا زرقاء؟ قالت: أرى شجرا يمشي، أو قالت: يسير. فقالوا: لشدّ ما كذبت عيناك! هل من شجر يسير؟ واستهانوا بها. فلمّا كان صبيحة ثالثهم دارت بهم القوم فأخذوهم على غرّة منهم، ونهبوا أموالهم وقتلوا منهم خلقا كثيرا، وأخذوا الزّرقاء فقلعوا عينيها فوجدوا (٣٤١) فيهما عروقا سودا.
فسئلت عن ذلك، فقالت: إنّي كنت أديم الاكتحال بالإثمد، فلعلّ هذا منه؛ وماتت بعد ذلك. فلمّا بلغ هند بنت النّعمان خبرها ترهّبت بالدير حزنا عليها، والله أعلم.
ومن جيّد شعر عديّ بن زيد العابديّ يقول (من الطويل):
وعاذلة هبّت بليل تلومني ... فلمّا غلت في اللّوم قلت لها اقصدي
أعاذل من تكتب له النّار يصلها ... كفاحا ومن يكتب له الفوز يسعد