للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وناقة رحلا، ومستناخا سهلا، وملكا ربحلا (١)، يعطى عطاء جزلا، قد سمع السلطان (٢) مقالتكم، وعرف فراستكم، أنتم أهل الليل والنهار، لكم الكرامة ما أقمتم والجياد (٣) إذا ظعنتم.

ثم أمر بهم إلى دار الضيافة وأجرى عليهم الأنزال، وأقاموا شهرا لا يؤذن لهم ولا يصلون إليه، ثم إنّه انتبه لهم انتباهة فأرسل إلى عبد المطّلب خاصّة، فأتاه وأخلاه ثم قال له: إنّى مفض إليك من سرّى وعلمى بشئ لو غيرك كان لم أبح به له، ولكنّى رأيتك أهله وموضعه، فليكن عندك مطويّا حتى يأذن الله فيه أمره: إنّى أجد فى الكتاب الناطق، والعلم الصادق، الذى اخترناه لأنفسنا، واحتجنّاه دون غيرنا، خيرا عظيما، وخبرا جسيما، فيه شرف الحياة، وفضيلة الوفاة، للناس كافّة، ولقومك عامّة، ولك خاصّة.

فقال عبد المطّلب: أبيت اللعن أيّها الملك، لقد أبت بخير ما آب به وافد، ولولا هيبة الملك وإجلاله لسألته من كشف بشارته إيّاى ما أزداد به سرورا.

فقال الملك: نبىّ (١١) هذا حينه الذى يولد فيه، اسمه محمّد، خدلج الساقين، أنجل العينين، فى عينيه علامة، وبين كتفيه شامة، أبيض كأنّ وجهه فلقة قمر، يموت أبوه وأمّه، ويكفله جدّه وعمّه، قد ولدناه مرارا، والله باعثه جهارا، وجاعل له منّا أنصارا، يعزّ بهم أولياءه، ويدك بهم أعداءه، يضربون دونه