فما استتمّ كلامه حتى نشأت سحابة دكناء فيها دوىّ، فقال عبد المطّلب مخاطبا للسحابة: هذا أوانك، سحّى سحّا، وانهلى سمحا! ثم قال: يا معشر قيس ومضر، ارجعوا إلى بلادكم، فقد سقيتم! فرجعوا إلى بلادهم، وقد كثرت أمواهها، واخضرّ صحراها.
قلت: إنّما كانت السّقيا ببركة سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأحسب أنّ عبد المطّلب تعمد أخذه إلى حجره لذلك، وقد صنع أبو طالب مثل هذا حين استسقى لمضر بعد موت عبد المطّلب، فإنّه قام على قدميه، واحتمل النبىّ صلّى الله عليه وسلم على كتفه، وكان صلّى الله عليه وسلم قد أربى على تسع سنين، لم يكن مثله يحمل على الكتف لغير ضرورة.
وفى هذا الحديث ألفاظ لغوية نزيل اللبس عنها: قوله: ذوو رحمك الواشجات، أى المشتبكات (١)، وإنّما جمع نعت الرحم يريد الأرحام.