ولذلك أنّه لمّا عاد من تجارة خديجة، ورأى منه ميسرة فى طريقه من المعجزات ما أبهره، عرّف ذلك لسيّدته خديجة، فطلبته إلى عندها وخطبته لنفسها، وقالت: يا ابن العمّ، إنّى رغبت فيك لقرابتك منّى، وشرفك فى قومك وأمانتك عندهم، وصدق حديثك، فلمّا قالت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ذلك خرج فعرّف عمومته، فخرج معه حمزة بن عبد المطّلب، حتّى دخل على خويلد ابن أسد فخطبها إليه، ثم حضر أبو طالب، ورؤساء مضر، فخطبها أبو طالب فقال: الحمد لله الذى جعلنا من ذرّية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وضئضئ معدّ (١)، وعنصر مضر، وجعلنا حضنة بيته وسوّاس حرمه، وجعل لنا بيتا محجوجا، وحرما آمنا، وجعلنا الحكّام على الناس، ثم إنّ ابن أخى هذا محمّد ابن عبد الله، لا يوزن به رجل إلاّ رجح به، فإن كان فى المال قلّ فإنّ المال ظلّ زائل، وأمر حائل، ومحمّد من قد عرفتم [قرابته، وقد خطب خديجة بنت خويلد، وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالى كذا، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم، وخطب جليل](٢).
فتزوّجها وله من العمر خمس وعشرون سنة وشهران وعشرة أيّام، وهى يومئذ ابنة ثمان وعشرين سنة.