هذا الدين ظاهرا على كلّ من ناوأه، حتى يقوم الدين وأهله ظاهرين».
فقال أبو بكر: سبحان الله، ما أحسن هذا الحديث لقد سرّك الله فى الدّنيا والآخرة.
ثمّ إنّ أبا بكر قام فى الناس فحمد الله وأثنى عليه، وذكره بما هو أهله، وصلّى على النبى صلّى الله عليه وسلم، ثم قال: أيّها الناس، إنّ الله عزّ وجلّ قد أنعم عليكم بالإسلام، وأعزّكم بالجهاد، وفضّلكم بهذا الدين على أهل كلّ دين، فتجهّزوا عباد الله إلى غزو عدّوكم الروم بالشام، فإنّى مؤمّر عليكم أمراء، وعاقد لهم عليكم، فأطيعوا ربّكم، ولا تخالفوا أمراءكم، ولتحسن نيّتكم وسريرتكم (١)، فإنّ الله مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون.
قال: وسكت النّاس، فو الله ما أجابه أحد هيبة لغزو الروم، لما يعلمون من كثرة عددهم وشدّة شوكتهم، فقام عمر بن الخطّاب رضى الله عنه فقال:
يا معشر المسلمين، ما لكم لا تجيبون خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا دعاكم لما يحييكم؟
فقام خالد بن سعيد بن العاص، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبى صلّى الله عليه وسلم ثم قال: الحمد لله الذى لا إله إلاّ هو، بعث محمّدا، صلّى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون، فإنّ الله تعالى منجز وعده، ومعزّ دينه، ومهلك أعداءه، ثم أقبل على أبى بكر فقال: نحن غير مخالفين لك، ولا متخلّفين عنك، وأنت الوالى الناصح الشفيق، ننفر إذا استنفرتنا، ونطيعك إذا أمرتنا، ونجيبك إذا دعوتنا: ففرح أبو بكر رضى الله عنه بمقاله، وقال: