حفصة: وأنّى لك الشهادة بهذه البلدة، فقال: يا بنيّة، يأتى الله بها من حيث شاء، قال: وكان بينه وبين فارس مسيرة شهر، وبينه وبين القوم كذلك.
قالت عائشة رضى الله عنها: لمّا حجّ عمر أقبل رجل متنقّب، فأنشد عمر:
(١٨٥) جزى الله خيرا من إمام وباركت ... يد الله فى ذاك الأديم الممزّق
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها ... بوائق فى أكمامها لم تفتّق
وكنت تشوب الدين بالحلم والتّقى ... وحكم صليب الرأى غير مزوّق
فمن يسع، أو يركب جناحى نعامة ... ليدرك ما قدّمت بالأمس يسبق
وما كنت أخشى أن تكون وفاته ... بكف سبىّ أحمر العين أزرق
قالت عائشة رضى الله عنها: فظننته المزرّد بن ضرار أخى الشماخ، قالت:
فلقيته بعد ذلك، فحلف بالله أنّه ما شهد الموسم الذى سمعت فيه هذه الأبيات (١).
وكان يقال إنّ هذا الشعر لجنّى. والله أعلم.
بلغ أمّ كلثوم بنت علىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه، زوجة عمر رضى الله عنه أنّ كعب الأحبار يقول: إنّ عمر باب من أبواب جهنّم، فغضبت، ثمّ غدت إلى حفصة بنت عمر، فقالت: ألا تعجبين لما بلغنى عن هذا اليهودى، إنّه يزعم أنّ أمير المؤمنين باب من أبواب جهنّم، أو على باب جهنّم. فقالت: وا أبتاه، ثم أرسلت إلى عمر فأتاها، فأخبرته بقول كعب، فقال: وا عمراه، ثم قال: إنّى لأرجو أن لا يكون الله سبحانه خلقنى شقيّا، ثم أرسل إلى كعب فسأله عمّا قيل عنه، فقال: صدقوا، إنّك على باب جهنّم تذبّ الناس عنه، لو قد هلكت