صنعت رحى تطحن بالهواء؟ فالتفت أبو لؤلؤة ساخطا عابسا فقال: لأصنعنّ لك رحى يتحدّث الناس بها فى الشرق والغرب، فلمّا ولّى قال للرهط الذين كانوا معه: تواعدنى العبد، وقيل إنّ عمر قال لعلىّ عليه السّلام: ما تراه أراد بكلمته؟ قال: تواعدك يا أمير المؤمنين، فقال عمر: لقد علمت أنّ لكلمته غورا.
ويقال إنّ عيينة بن حصن الفزارى قال لعمر يوما: إنّ الله سبحانه جعلك فتنة على أمّة محمّد، فقال عمر: كذبت، إنّ ربّى ليعلم أنّى لم أضمر لها غير العدل عليها، والإحسان إليها، فقال عيينة: إنّى لم أذهب هناك، ولكن يفقدون سيرتك فيضرب بعضهم بعضا، فقال عمر: لست (١٨٧) لذلك بآمن، فقال:
يا أمير المؤمنين، احترس من الأعاجم وأخرجهم من جزيرة العرب، فإنّى لا آمنهم عليك، فلمّا طعن عمر قال: ما فعل عيينة بن حصن؟ فقيل: مات بالحاجر (١). فقال: إنّ هناك لرأيا.
وكان أبو لؤلؤة قد سباه المغيرة من نهاوند، ولمّا كان يوم الأربعاء، لسبع بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين، خرج عمر رضى الله عنه فأيقظ الناس للصلاة على عادته، وكان أبو لؤلؤة قد كمن له فى المسجد، ومعه خنجر برأسين ونصابه فى وسطه، وسقاه السمّ، فلمّا دنا من عمر ضربه وطعنه ثلاث طعنات، إحداهنّ تحت سرّته، فخرق الصفاق، وهى التى قتلته رضى الله عنه، ثم أغار على أهل المسجد فطعن من يليه، ممّن على يمينه وعلى يساره، حتى طعن أحد عشر رجلا سوى عمر، وقيل ثلاثة عشر-على اختلاف الرواية-مات منهم أربعة: منهم إياس بن البكير الكنانى، وكليب بن قيس، فرمى عليه