للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صدقاتهم، يطهّرهم ويزكّيهم ويردّها على فقرائهم، وأوصه بأهل الأمصار خيرا، فإنّهم جباة الأموال، وردّ الإسلام، وأن لا يأخذ منهم إلاّ طاقتهم، ويقاتل من وراءهم، وأوصه بأهل ذمّة الله وذمّة رسوله خيرا، أن يفى لهم بعهدهم، إنّ هذا عهدى وأمرى إلى من وليّنه أمر الأمّة، وإنّى آمر أمراء الأمصار أن يفقّهوا من يليهم من المسلمين فى كتاب الله عزّ وجلّ.

فقال ابن عبّاس: يا أمير المؤمنين، أبشر بثلاث خصال أكرمك الله عزّ وجلّ بهنّ، فقال: وما هنّ يا ابن عبّاس؟ قال: خلافتك كانت نصرا، ولقد ملأت الأرض عدلا، وإذا استرحمت رحمت، فقال: أتشهد لى بها يا ابن عبّاس؟ قال:

نعم. ثم دخل علىّ عليه السّلام فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بكرامة الله، فقد كان إسلامك فتحا، وخلافتك نصرا، ولقد ملأت الأرض عدلا، وما اختلف فى ولايتك رجلان، فأعجبته هذه الكلمة، فقال: أتشهد لى بها عند ربّى؟ (١٨٩) قال: نعم.

وروى أنّ ابن عبّاس قال له: أبشر يا أمير المؤمنين، أسلمت إذ كفروا، وجاهدت مع رسول الله إذ خذلوا، وتوفّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عنك راض، فقال عمر: المغرور والله من غررتموه، لو أنّ لى ما طلعت عليه الشمس لا فتديت به من هول المطلع، اذهب إلى عائشة فقل لها: إنّ عمر يقرئك السلام، ولا تقل أمير المؤمنين، فإنّى لست للمؤمنين اليوم بأمير، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، فإن أذنت وإلاّ فادمنّى فى مقابر المسلمين، فأتاها فوجدها عند الباب تبكى، فأبلغها مقالة عمر، فقالت: رحم الله عمر، لقد كان مرتفعا فى حياته وعند موته، نعم، قد كنت ادّخرته لنفسى، فأنا أوثره على نفسى.