وروى أنه قال: إن أولّ عثمان أولّ رجلا صالحا فى نفسه، وأخف إيثاره قراباته بأن يغلبوه على رأيه، والله لو فعلت ليفعلنّ، وو الله لئن فعل ليفعلنّ، وإن أولّ عليّا أولّ شجاعا تقيّا، على دعابة فيه، وخليق أن يحملهم على طريقة صالحة، وإن أولّ الزبير أوّل لقسا شرسا شكسا، وإن أولّ طلحة أولّ ذا إباء وكبر، وإن أولّ عبد الرحمن أولّ رجلا ليّن الجانب، سلس القياد، وليس يصلح لهذا الأمر إلاّ شدّة فى غير عنف، ولين فى غير ضعف، وجود فى غير سرف، وإمساك فى غير بخل، ولكن أدعها شورى بين هؤلاء الستّة فيختار المسلمون لأنفسهم من شاءوا، ويدخل عبد الله بن عمر معهم، وليس له من الأمر شئ وإن استخلف سعدا فذاك، وإلاّ فأيّكم أستخلف فليستعن به، فإنّى لم أعزله عن عجز ولا خيانة، فقال سعيد بن زيد: لو عيّنت رجلا (١٩١) ائتمنك الناس، قال: قد رأيت فى أصحابى حرصا سيئا، فقال المغيرة: فأين أنت عن عبد الله بن عمر؟ فقال: قاتلك الله، ما أردت الله بهذا؟ كيف أستخاف رجلا لم يحسن أن يطلّق امرأته.
وتطاول عمرو بن العاص لأن يكون فى أهل الشورى، فقال له عمر: اطمئنّ كما وضعك الله، والله لا أجعل فيها من حمل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم سلاحا.
ولمّا حضرته الوفاة قال لابنه عبد الله: ضع خدّى على الأرض! ثم قال:
ويل لعمر إن لم يغفر الله له، ثم قال: يا بنىّ، ضع ركبتيك بين كتفىّ، وضع راحتك اليمنى على جبهتى، وراحتك اليسرى تحت ذقنى، وغمّض بصرى، وأحسن غسلى، وكفّنّى فى وتر من الثياب، ولا تغلوا فى كفنى، فإن يك ربّي راضيا عنّى فلن يرضى بثيابكم هذه حتى يكسونى من ثياب الجنّة، وإن يك ساخطا