للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسيسلبنى سلبا سريعا ويلبسنى شرّ ثياب، وإذا حفرتم فاحفروا قدر مضجعى، فإن يك ربّى راضيا عنّى فسيوسّعه على مدّ بصرى، وإن يك ساخطا علىّ فسيضيّقه حتى تختلف أضلاعى، وإذا حملتمونى إلى حفرتى فأسرعوا بى المشى، فإنّما هو خير تقدمونى عليه، أو شرّ تضعونه عن رقابكم، ولا تمشينّ فى جنازتى امرأة، ولا تقم علىّ نائحة، ولا تزكّونى فربّى أعلم بى.

فلمّا مات لم تصب المسلمين بعد نبيّهم مثلها.

قال ابن عبّاس: لمّا وضع عمر على سريره، وقفت أنا وعبد الرحمن بن عوف فإذا رجل من خلفنا وقد وضع يده على منكبى، فالتفتّ فإذا علىّ، ففرّجت له بينى وبين عبد الرحمن، فقال: رحمك الله يا عمر، إنّى لأرجو أن يكون الله قد ألحقك بصاحبيك، فطالما سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم (١٩٢) يقول: دخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر، وذهبت أنا وأبو بكر وعمر.

ولما دفن عمر رحمه الله ورضى عنه جاء عبد الله بن سلام وقد فاتته الصلاة عليه، فوقف على قبره، وقال: جزاك الله عن الإسلام خيرا، فو الله لئن فاتتنى الصلاة عليك لما فاتنى حسن الثناء عليك، أما والله لقد علمت يقينا أنّك كنت سخيّا بالحقّ، بخيلا بالباطل، ترضى حين الرضى، وتسخط حين السخط، ليّنا حين ينفع اللين، شديدا حين تنفع الشدّة، ما كنت عيّابا ولا مزّاحا، كنت والله عفيف الطرف.

ولمّا بلغ ابن مسعود موت عمر، وكان بمسجد الكوفة، طرح رداءه وقام يبكى، وقال: إذا ذكر الصالحون فحيّهلا بعمر، لقد كان إذا نحر الجزور أطعم ابن السبيل كبدها وسنامها، ويكون العنق لآل عمر، ولقد كان عمر حصنا