للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما تجهّز المسلمون جعلت أغدو وأروح ولا أتجهّز معهم وأقول: أنا قادر على الجهاد أىّ وقت شئت، ولمّا سار المسلمون غدوت لأتجهّز، وألحق برسول الله صلّى الله عليه وسلم.

قال: فلم يزل ذلك دأبى حتى فرط الغزو، وكنت إذا مشيت فى النّاس بعد خروج رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا أرى إلاّ رجلا مغموصا عليه فى النّفاق، أو معذورا بضعف أو زمانة، قال كعب: فلمّا بلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم تبوك قال: «ما فعل كعب؟» فقال رجل: حبسه برداه، والنظر فى عطفيه، فقال معاذ بن جبل:

بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلاّ خيرا، فسكت النبى صلّى الله عليه وسلم قال: فلمّا قفل عليه السّلام حضرنى شئ، فبقيت أتذكّر الكذب، وأقول ماذا يخرجنى من سخط رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا قدم، فلمّا أطلّ قادما راح عنّى الباطل، وعرفت أنّه لا ينجينى إلاّ الصدق، فلمّا دخل المسجد، وصلّى ركعتين جلس للناس، وجاء المخلّفون يعتذرون إليه، فقبل عذرهم وعلانيتهم وأيمانهم، ووكل سرائرهم إلى الله تعالى، واستغفر لهم.

قال كعب: فجئت فسلّمت عليه، فتبسّم تبسّم المغضب، ثم قال:

«ما خلّفك؟ ألم تكن ابتعت ظهرك؟» فقلت: يا رسول الله، لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أنّى سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلا، ولكنّى إن حدّثتك كذبا لترضينّ عنّى، وليوشكنّ الله أن يسخطك علىّ، ولئن حدّثتك الصدق لتجدنّ (١) علىّ، وإنّى [لأرجونّ [(٢) الله وعقباى منه