وقال أسامة بن زيد لعلىّ بن أبى طالب كرمّ اللهّ وجه: أنت واللهّ أعزّ علىّ من سمعى وبصرى، فأطعنى، واخرج إلى أرضك بينبع، فإنّ عثمان إن قتل وأنت بالمدينة رميت بدمه، وإن أنت لم تشهد أمره لم يعدل الناس عنك، فقال ابن عباس لأسامة: يا أبا محمدّ، أيطلب أثر بعد عين؟ أبعد ثلاثة من قريش ينبغى لعلى أن يعتزل؟ وصلى علىّ عليه السّلام بالناس يوم النحر وعثمان محصور، فكتب إليه عثمان ببيت الممزّق:
(٢٣٣) فإن كنت مأكولا فكن خير آكل ... وإلاّ فأدركنى ولما أمزّق
وهذا البيت للممزّق الشّاعر وبه سّمّى ممزّقا، وإنما اسمه شأس.
ولمّا اجتمعت طوائف الأنصار فى المدينة، خرج عثمان يوم جمعة، فلمّا صعد المنبر قام رجل مصرى فشتمه وعابه، فالتفت عثمان يمينا وشمالا، ينظر هل ينكر عليه أحد، فلم يتكلّم أحد، وقام جهجاه بن سعيد الغفارى، فقال مثل ذلك، وانتزع من عثمان عصا كانت فى يده، فكسرها على ركبتيه، وكانت عصا رسول اللهّ صلّى الله عليه وسلم، فوقعت بعد ذلك الأكلة فى ركبتيه، فما منعه أحد، فقام عثمان فتكلّم كلمات يسيرة على دهش شديد، وصلّى صلاة خفيفة، ثم حفّ به بنو أميّة ومواليه، حتى دخل داره، فحصروه.
واجتمعت الأنصار إلى زيد بن ثابت، فقالوا: ما ترى؟ قال: إنّكم نصرتم رسول الله صلّى الله عليه وسلم مرّة، فانصروا خليفته تكونوا أنصار الله مرّتين، فرّد عليه رجل قوله، فقال عبد الله بن سلاّم: الله الله فى دم هذا الرجل، فو الله ما بقى من