للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالث من الأقوال فى بنائها: إنّ الذى بناها هى الملكة دلوكة لتجعلها مرقبا من ناحية الروم لأنّ الروم إنّما ملكت مصر منها، قاله النوبختى، قلت:

وسنذكر ما يستحسن أيضا فى هذا الفصل.

والرابع: إن الذى بنا الأهرام بناها وإنّما أضيفت إلى الإسكندر لأنّه سكنها، قال النوبختى: مكث أهلها سبعين سنة لا يمشون بالنهار إلاّ وعلى وجوههم خرق سود لشدّة بياضها ولقوّة شعاع حيطانها وصقالها.

وأمّا منارتها: ذكر صاحب كتاب المسالك والممالك (١) أنّ المنارة على سرطان من زجاج فى البحر من صناعة الإسكندر، والصحيح أنّها على جبل فى البحر، والصحيح أنّها بنيت قبل وصول البحر إليها وكان بين ذلك الجبل التى بنيت عليه وبين البحر مسافة وإنّما البحر تقدّم إليها على طول السنين والآن فقد أكل الماء معظّمه، (٢) وقد شاهدته بالمعاينة.

وقيل إنّ الإسكندر لمّا مات كسروا آنيته التى كانت لطعامه وشرابه وجمعوا جميع، جواهره وذخائره، وجعلوا الجميع فى سرطان من زجاج ودفنوه فى أساس المنارة، قال ابن الجوزى: (٣) قال جدّى رحمه الله فى كتابه المنتظم أنّه كان على رأس المنارة مرآة، إذا نظر الناظر فيها قبل طلوع الشمس رأى من يكون بالقسطنطينيّة وبينهما عرض البحر، ثم قال: إنّما نقله جدّى من كتاب المسالك والممالك وليس كما ذكر صاحب المسالك فإن مسافة ما بين القسطنطينيّة والإسكندريّة نيفا وأربعين يوما إذا طابت الريح على ما حكاه المسافرين، وإنّما بين جزيرة قبرص والإسكندريّة إذا طاب الهواء مسيرة ثلاثة أيّام فكأنّ الناظر


(١) المسالك ١٦٠،١٩ - ٢١
(٢) وقد-بالمعاينة: وقد شاهدته فى سنة أربعين وستمائة وصعدت إلى رأسها والمنارة على خطر مرآة الزمان.
(٣) المسالك ١١٥،١٨