للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستقبل عمرو بن العاص كنانة بن بشر، وهو على مقدّمة محمّد بن أبى بكر، فلمّا دنا عمرو من كنانة سرّح الكتائب، فجعل كنانة لا يأتيه من كتائب أهل الشام كتيبة إلا شدّ عليها بمن معه، فيردّهم إلى عمرو، ففعل ذلك بهم مرارا، فلمّا رأى عمرو ذلك بعث إلى معاوية بن حديج فأتاه فى مثل الدهم، فأحاطوا بكنانة، واجتمع أهل الشام عليهم من كل جانب، فلمّا رأى كنانة ذلك نزل عن فرسه، ونزل معه أصحابه وكنانة يقرأ: {وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً»} (١) الآية، ولم يزل يضاربهم بسيفه حتّى استشهد.

وأقبل عمرو بن العاص نحو محمّد بن أبى بكر وقد تفرّق عنه أصحابه، فلمّا رأى محمّد ذلك، خرج يمشى فى الطريق حتى انتهى به إلى خربة فى ناحية الطريق، فآوى إليها، وجاء عمرو بن العاص حتى دخل الفسطاط، وخرج معاوية ابن حديج فى خيله فى طلب محمّد بن أبى بكر، حتّى انتهى إلى قارعة الطريق، فسأل من الناس هل مرّ بكم أحد تستنكرونه، فقال أحدهم: لا والله، إلاّ أنى دخلت تلك الخربة، فإذا أنا برجل جالس [فيها، فقال ابن حديج:] (٢) هو وربّ الكعبة، قال (٣): فانطلقوا يركضون، حتّى دخلوا عليه فاستخرجوه، وقد كاد يموت عطشا، فأقبلوا نحو الفسطاط.

قال: ووثب أخوه عبد الرحمن بن أبى بكر إلى عمرو بن العاص، وكان معه فى الجند، فقال: أيقتل أخى صبرا؟ ابعث إلى ابن حديج فانهه، فبعث عمرو