ثم قال: ما أعرفنى بسفهكم وطيشكم! فقال له الحسين عليه السّلام: مهلا يا معوية، فإنا لسنا أهلا هذه المقالة. فقال معوية: بلى والله، وأشد منها وأغلظ، فإنكم تريدون أمرا، ويأبى الله ما تريدون. ثم دخل المدينة فنزلها. وجاء الناس يسلمون عليه. فجعل يشكوا من هؤليك الأربع. ثم جاؤا يدخلون عليه. فلم يأذن لهم، فركبوا رواحلهم ومضوا إلى مكة شرفها الله تعالى. ثم صعد معوية المنبر وقال فى أثناء خطبته: ومن أحق بالخلافة من يزيد، فى فضله وأدبه وهديه وموضعه من قريش؟ وإنى أرى أقواما يعيبونه، وما أظنهم مقلعين حتى تصبهم بوايق، ولقد أنذرت قبل أن يقع الاعتذار وذكر هؤلاى الأربع. ثم قال: والله ورب الكعبة، إذ لم يبايعوا لتكونن عليهم شؤما. ثم نزل فأتته عايشة رضى الله عنها. فقالت:
يا معوية، قد قتلت أخى محمّدا بثأرك على ما زعمت أنك أنت صاحبه ولست كذلك. ثم قدمت المدينة فأخذت أبناء الصحابة بالشدة والعسف، والكلام الشّين. وأنت من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة، وكان أبوك (٣٠) من الأحزاب، وليس مثلك من يهدد هؤلاى. فقال معوية: هم والله عندى أعزّ من سمعى وبصرى، ولكنى أخذت البيعة ليزيد. وقد بايعه جميع الناس! أفترين يا أم المؤمنين أن أنقض بيعته؟ وقد تمّت وخدعها بلين القول. فقال: فليكن ذلك منك بالرفق، فإنك تبلغ منهم ما أحببت.
قال: فأحضر معوية عبد الله بن عباس رضى الله عنه، وشكى إليه