الحسين عليه السّلام. فقال بن عباس: قد مضى الأول بما فيه وأعلم أن كان عليّا قد ذهب فهذا ابنه، وليس على وجه الأرض ابن بنت نبى سواء.
فقال معوية: يابن عباس، إنه لكما ذكرت. ثم أمر له بأموال جمة واستصحبه معه إلى مكة. فلما قربوا منها خرج الناس للقايه، وفيهم الأربعة المذكورين. فلما رآهم معوية حرك إليهم وأقبل على الحسين فقال: مرحبا بأبى عبد الله سيد شباب أهل الجنة. وقال بعده لعبد الرحمن ابن أبى بكر: مرحبا بشيخ قريش وابن صديقها. وقال لابن عمر: مرحبا بابن صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وقال لابن الزبير: مرحبا بابن حوارى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ثم قدم لهم أربع مراكب وركبهم وأدناهم. ولما استقر أنفذ إليهم بجوايز سنية، وزاد الحسين أضعافها عنهم فردها الحسين عليه ولم يقبلها.
ثم استدعا الحسين عليه السّلام وخلا به. وقال: يا با عبد الله، إنى لم أترك بلدا إلا وأخذت فيه العهد والبيعة لأخوك وابن عمك يزيد. وإنى لو علمت أحدا أحق بها لأمة محمّد بايعت له. فقال الحسين: لا تقل هذا، يا معوية! فإنك تركت من هو خير منه أبا وأما وحسبا ونسبا. فقال معوية: أظنك تريدها لنفسك. فقال الحسين عليه السّلام:(٣١) وما ينكر من ذلك، يا معوية؟ فقال معوية: أما أمك فخير من أمه. وأما أبوك فله سابقة وفضيلة وقرابة ليست لأحد. ولكن قد جاءكم أبوك لى فقضى لى عليه. فو الله يزيد خير لأمة محمّد منك. فقال الحسين عليه السّلام: يزيد الخمور، يزيد الفجور، خير لأمة محمّد من ابن بنت نبيهم؟ فقال معوية:
مهلا، يا با عبد الله، فو الله إنك لو ذكرت عند يزيد ما ذكر منك