السر أعداء. ثم سأله المختار أن يقلده أمره، فلم يفعل ثم عابه بن الزبير وانحرف عنه المختار. فعوتب على ذلك فقال: رأيته منحرفا عنّى. فقيل له: إنك كلمته علانية، وهذا أمر يضرب عليه الستور. فأتاه ليلا فقال المختار: إنه لا خير فى الإكثار من المنطق، ولا حظّ فى التقصير عن الحاجة. وقد جيتك لأبايعك على أن لا تقضى أمرا دونى، وأن أكون أوّل من تأذن له. فإذا ظهرت استعنت بى على أفضل عملك. فقال له ابن الزبير: أبايعك على كتاب الله عز وجل وسنّة نبيه. فقال المختار: لو أتاك شر غلمانى لبايعته هذه المبايعة العامّة: والله لا أبايعك إلا على هذا.
فبسط ابن الزبير يده فبايعه.
وشهد المختار مع بن الزبير الحصار الأول فقاتل أشد قتال، وكان يقول: أنا المختار، أنا الكرّار غير الفرّار، أنا المقدم غير المحجم إلىّ ياهل الحفاظ [و] حماة الأدبار. ثم رأى المختار أن ابن الزبير لا يوليه شيا، فأتى الكوفة، فلما صار نهر الحيرة، اغتسل وأدّهن ولبس ثيابه واعتمّ وتقلّد سيفه وركب راحلته وجعل لا يمر بمسجد إلا سلّم على أهله ودعا لمبايعة محمد بن الحنفية. وكان عند شخوصه إلى الكوفة لقى بن الحنفية فقال: أنا ساير للطلب بدمايكم والانتصار لكم، فلم يجبه بشئ. فقال:
إن سكوته إذن، ويقال إن بن الحنفية قال له: لست آمرك بحرب ولا إراقة