قلت: نعم. قال: فلست فى شئ، إن استطعت أن تكتم على نفسك فافعل.
قال: فانتضحت عرقا فحصبنى رجل من قريش كان قريبا من الفرزدق، وقد سمع إنشادى وسمع ما قال لى الفرزدق، فأومأ إلىّ فقمت إليه، فقال لى:
ويحك! هذا شعرك الذى أنشدته الفرزدق؟ قلت: نعم. قال: فقد والله أحسنت، والله لين كان الفرزدق شاعرا-إنا لنعرف محاسن الشعر-وقد والله حسدك فامض لوجهك ولا يكسرنّك ما قال. فسرّنى قوله وعلمت أنه قد صدقنى فيما قال. (١٣٤) قال: فاعتزمت على المضىّ، فمضيت فقدمت مصر، وبها عبد العزيز بن مروان. فحضرت بابه مع الناس، فنحّيت عن مجلس الوجوه فكنت ورائهم ورأيت رجلا على بغلة حسن المدخل، يؤذن له إذا جاء.
فانصرف إلى منزله. فانصرفت معه أماشى بغلته.
فلما رآنى قال: ألك حاجة؟ قلت: نعم، أنا رجل من أهل الحجاز شاعر، وقد مدحت الأمير وخرجت إليه راجيا لمعروفه، وقد رددت من الباب ونحّيت، قال: فأنشدنى. فأنشدته فأعجبه شعرى. فقال: ويحك! هذا شعرك؟ إياك أن تنتحل فإن الأمير راوية عالم بالشعر وعنده رواة. فلا تفضحنى ونفسك، قال: فقلت: والله ما هو إلا شعرى. قال: فقل أبياتا تذكر فيها حوف مصر وفضلها على غيرها، والقنا بها غدا. فغدوت عليه من الغد فأنشده قولى <من الطويل>:
(٢) فانتضحت عرقا: فى الأغانى ١/ ٣٢٦: فانفضحت عرفا، فى الأغانى ١/ ٣٢٦ حاشية ٢:«تدفقت عرفا»