فقلت: ولله درّ جنادة العذرىّ! فقال: حيث يقول ماذا ويحك! فقلت:
حيث يقول <من البسيط>:
سرت لعينك سلمى بعد مغفاها ... فبتّ مستنبها من بعد مسراها
وقلت أهلا وسهلا من هداك لنا ... إن كنت تمثالها أو كنت إيّاها
من حبّها أتمنّى أن يلاقينى ... من نحو بلدتها ناع فينعاها
كيما أقول فراق لا لقاء له ... وتضمر النفس يأسا ثم تسلاها
ولو تموت لراعتنى وقلت لها ... يا بؤس للموت ليت الموت أبقاها
قال: فضحك عمر وقال: وأبيك لقد أحسن وأجاد وما أبقى، (٢٠٠) ولقد هيّجتما علىّ ساكنا. وذكّرتمانى ما كان عنّى غايبا، ولأحدّثكما حديثا حلوا:
بينا أنا منذ أعوام جالس إذ أتانى خالد الخرّيت. فقال لى: يا با الخطاب، مررن بى أربع نسوة قبيل يردن مكان كذا، وكذا ولم أر مثلهن فى بدو ولا حضر، فيهن هند بنت الحارث المرّيّة. فهل لك أن تأتيهن منكرا فتسمع من حديثهن وتتمتع بالنظر إليهن ولا يعلمن من أنت؟ فقلت له:
ويحك! وكيف لى أن أخفى نفسى؟ قال: تلبس لبسة أعرابىّ. ثم تجلس على قعود، فلا يشعرن إلا بك وقد هجمت عليهن. ثم وقفت بقربهن ففعلت ذلك ثم أتيتهن فسلّمت عليهم فردوا سلامى، ثم سألننى أن أنشدهن وأحدّثهن لكثيّر وجميل والفرزدق والأحوص ونصيب وغيرهم ففعلت. فقلن لى: يا أعرابىّ! ما أملحك وأضرفك! لو نزلت فتحدّثت معنا يومنا هذا! فإذا أمسيت انصرفت