فى حفظ الله. قال: فأنخت بعيرى ثم تحدّثت معهن وأنشدتهن فسررن بى وجذلن بقربى وأعجبهن حديثى. قال: ثم إنهنّ تغامزن، وجعل بعضهن يقول لبعض: كأنّا نعرف هذا الأعرابىّ! ما أشبهه بابن أبى ربيعة! فقالت إحداهن:
فهو والله عمر! فمدّت هند يدها فانتزعت عمامتى. ثم ألقتها عن رأسى وقالت: هيه بالله يا عمر! أتراك خدعتنا منذ اليوم! بل والله نحن خدعناك واحتلنا عليك بخالد، فأرسلناه إليك لتأتينا فى أسو حال وأقبح هية وأفحش شارة، ونحن كما ترى. قال عمر: ثم أخذنا فى الحديث. فقالت هند:
ويحك يا عمر! اسمع منى. لو رأيتنى منذ أيام وأصبحت عند أهلى. وقد غيّرت علىّ أثوابى (٢٠١) بعد ما أنقيت جسدى وتعطرت فأمعنت، وأدخلت رأسى فى جيبى، فنظرت إلى حرى يلمع بياضا وحمرة، وإذا هو ملء الكفّين ومنية المتمنّى. فناديت يا عمراه يا عمراه! قال عمر: فصحت بأعلا صوتى يا لبّيك يا لبّيك! ثلثا، ومددت فى الثالث صوتى. فضحكت حتى انقلبت على قفاها، وحادثتهن ساعة. ثم ودّعتهن وانصرفت. فذلك قولى <من الطويل>:
عرفت مصيف الحىّ والمتربّعا ... ببطن حليّات دوارس بلقعا
(٧) شارة: انظر الأغانى ١/ ٢٩٧ حاشية ٣
(٨ - ٩) وقد. . . فأمعنت: هذه الكلمات ناقصة فى الأغانى ١/ ١٧٦
(١٥ - ٧،٣٠٣) عرفت. . . إصبعا: وردت الأبيات فى عمر بن أبى ربيعة ٢٢٧ - ٢٢٨
(١٥) عرفت. . . المتربّعا: فى الأغانى ١/ ١٧٦؛ عمر بن أبى ربيعة ٢٢٧:«ألم تسأل الأطلال والمتربّعا»؛ فى الأغانى ١/ ١٧٦ حاشية ٣:«كذا فى الديوان. . . وما فى الديوان هو الصواب»