للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عميت جنينا والذكاء من العمى ... فجئت عجيب الظنّ للعلم موئلا

وغاض ضياء العين للعلم رافدا ... لقلب إذا ما ضيّع الفاس حصّلا

وشعر كنور الأرض لاءمت بينه ... بقول إذا ما أحزن الشعر أسهلا

وعن أبي زيد قال، سمعت أبا محمّد التوّزيّ يقول، قال بشّار: أزرى بشعري الأذان، يعني كونه إسلاميا. وعن أبي عبيدة قال، سمعت بشّارا وقد أنشد في شعر الأعشى هذا البيت (من البسيط):

وأنكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلاّ الشيب والصلعا

قال؛ فعجب لذلك وأنكره بشّار وقال: هذا بيت مصنوع ما يشبه كلام الأعشى! فعجبت لذلك. فلمّا كان بعد هذا بعشر سنين كنت جالسا في حلقة يونس فقال حدّثني أبو عمرو بن العلاء أنه صنع هذا البيت فأدخله في شعر الأعشى وذكره! فجعلت حينئذ أزداد عجبا من فطنة بشّار وصحّة قريحته، وجودة نقده للشعر.

وعن أبي عبيدة قال، قال بشّار: لي إثنا عشر ألف بيت عين! فقيل له:

هذا ما لم يدّعه أحد قطّ سواك! فقال: لي اثنتا عشر ألف قصيدة لعنها الله ولعن قائلها إن لم يكن في كلّ واحدة منها بيت عين! فقلنا: صدقت!

وقال الجاحظ في كتاب «البيان والتبيّن» -وقد ذكر بشّارا؛ فقال: كان بشّار شاعرا خطيبا صاحب منثور ومزدوج وسجع ورسائل وهو من المطبوعين أصحاب الإبداع والاختراع المفتنين في الشعر القائلين أكثر أجناسه وضروبه.

قال الشعر في حياة جرير وتعرّض له، وحكي عنه أنه قال: هجوت جريرا فأعرض عني ولو هاجاني (٥٧) لكنت أشعر <الناس>.