مخيّمه فقام الرشيد لقيامه ومشى معه خطوات وجعفر يعزم عليه في ردوده إلى مرتبته ويقبّل يديه، ولم يزل حتّى شيّعه إلى باب القبّة ثم عانقه وقبّله ورشفه وبكى وبكى جعفر أيضا ساعة ثم عاد الرشيد وجلس وأمر بحضور شرار الخادم؛ وكان هذا شرار بشع المنظر، وكان جعفر يكرهه وإذا أراد الرشيد أن يمزح مع جعفر يدع شرارا هذا يأتي إليه (١٢٠) ويداعبه ويعبث به، وكان جعفر يكرهه أشدّ كره؛ قال؛ فلمّا عاد الرشيد إلى مرتبته أحضر شرارا وقال له: يا شرار! إني قد انتدبتك لأمر لم انتدب فيه الأمين والمأمون! قال؛ فقبّل شرار الأرض وقال: الله الله يا أمير المؤمنين! والله لو أمرتني أن أنحر نفسي بيدي لفعلت ذلك! فقال: أما نظرت إلى ما كان مني في هذه الليلة إلى جعفر؟! قال: بلى يا أمير المؤمنين! فقال: إفهم كلامي ولا تظنّ أنّ بي ثملا من شراب! فقال: أعوذ بالله! يأمر أمير المؤمنين بما شاء! قال؛ فناوله ... من على ركبته وقال: إمض في هذه الساعة واطلب جعفرا وقل أجب أمير المؤمنين بسرعة في شيئ سهى عنه وقد تفكّره ليوصيك بعمله فإنه سيقوم معك فإذا صار في باب الدهليز اضرب عنقه وأتني برأسه في الطست الذهب! قال؛ فارتعدت رجلا العبد وبهت فلمّا رآه الرشيد كذلك قال: يا شرار! وتربة المهدي والمنصور لئن لم تأتني هذه الساعة برأس جعفر لا ضربنّ رأسك! قال؛ فخرج شرار وأحضر جعفرا وهو يظنّ أنه أنفذه ليمازحه فوصل إلى باب الدهليز وهو يشتم شرارا ويسبّه فلمّا فهم المراد به قال: يا شرار! عاود في أمير المؤمنين، وتثبّت في أمرك، ولك عندي خزائن الأموال! وها أنا قد حصلت فادخل عليه فإن رأيته مصمّما على ما أمرك فافعل، وإن رأيته عاوده الندم والغلط تكون قد فعلت مراده، وأعود عتيقك! قال؛ فدخل شرار فلمّا رآه الرشيد قال: ويلك! وأين رأس جعفر؟! وصرخ حتّى سمعه جعفر فخرج شرار فضرب عنقه وأحضر <رأسه> في الطست فلمّا رآه بكى وأغمي عليه ساعة ثم أفاق فقال: يا