للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى صاحب المنزل كالمنكرة؛ فغمزها بعينه. ثم أعادت الضرب وغيّرت الطريقة وحرّكت وهي تقول (من الكامل):

قالت وقد عاينت حمرة كفّها ... لا تعتبر فالعهد غير مضيّع

ما إن تعمدت الخضاب وإنما ... زفرات ذكرك أوقدت في أضلعي

فبكيت من جزع دما فمسحته ... بأناملي فتخضّبت من أدمعي

قال؛ فكأنما كاشفت ما بقلبي من ذلك المعصم والكفّ المخضّب (١٦٩) فلم أتمالك والله دون أن صرخت صرخة أعظم من الأوليين. فلم أشعر بها إلاّ وقد ضربت بالعود الأرض كسرته ونهضت مغضبة وقالت: متى كنتم تحضرون مجالسكم البغضاء؟! وإنّ القوم توثّبوا لذلك ونظر بعضهم إلى بعض فقلت لصاحب المنزل: هل من عود غيره؟ فقال: نعم! وأحضر عودا أحسن من ذاك فأخذته يا أمير المؤمنين وأصلحته وحرّكت تحريك ذي قلب قريح وفؤاد جريح، وأنشدت (من الطويل):

ترى الدرّ منظوما إذا ما تكلمت ... وكالدرّ منظوما إذا لم تكلّم

تعبّد أحرار القلوب بحبّها ... وتملأ عين الناظر المتوسّم

قال؛ وإذا بتلك الصبية خرجت وهي حاسرة عن رأسها فقبّلت أقدامي ودموعها تجري؛ فقبلت عذرها وزال عن القوم ما كانوا فيه، وأقبلوا يعتذرون، وسألوني الزيادة؛ فأصلحته وغيّرت وأنشدت (من الكامل):

وحديثها السحر الحلال لو انّه ... لم يجن قتل المسلم المتحرّز

إن طال لم يملل وإن هي أوجزت ... ودّ المحدّث أنها لم توجز

قال؛ فطاب لهم الوقت وشربوا بالكاس والكاس، وقبّلوا جميعا أطارفي، وسألوني أن أزيدهم فحرّكت وغيّرت وأنشدت (من البسيط):