فكانت الكسرة على أصحاب السلطان. وأسر العباس بن عمرو مع عدّة من أصحابه (ص ٤١) واحتوى القرمطىّ على عسكره، ثم قتل من غد يومه جميع الأسرى، ثم أحرقهم. وترك العباس بن عمرو. فلما كان بعد الوقعة بأيام أحضر أبو سعيد العباس بن عمرو وقال له: تحبّ أن أطلقك؟
قال: نعم.
قال: على أن تبلّغ عنى ما أقول صاحبك.
قال: أفعل.
قال: تقول له إنّ الذى أنزل بجيشك ما أنزل بغيك وتعدّيك.
هذا بلد كان خارج عن يدك، غلبت عليه وأقمت به. وكان فىّ من الفضل ما آخذ غيره. فما عرضت لما كان فى يدك، ولا هممت به، ولا أخفت لك سبيلا، ولا نلت أحدا من رعيتك بسوء، فتوجيهك إلىّ الجيوش لأىّ سبب؟ اعلم أنّى لا أخرج عن هذا البلد ولا يوصل إليه وفىّ وفى هذه العصابة التى معى روح. فاكفنى نفسك ولا تتعرض لما ليس لك فيه فائدة، ولا تصل إلى مرادك منه إلا ببلوغ القلوب الحناجر».
ثم أطلقه وأرسل معه من يوصله إلى مأمنه.
ووصل العباس إلى بغداد فى شهر رمضان. فكان الناس يعظّمون شأنه ويكثرون ذكره ويسمّونه قائد الشّهداء.