ولا بما خفّ على الألسنة وعرفته دهماء العامة. وإنما الدين صعب مستصعب، وأمر مستثقل، وعلم خفىّ غامض ستره فى حجّته، وعظّم شأنه عن ابتذال الأسرار له، فهو سرّ الله عزّ وجلّ المكتوم وأمره المستور الذى لا يطيق حمله ولا ينهض بأعبائه وثقله، إلاّ ملك مقرّب، أو نبى مرسل، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان.
فى أمثال هذا الكلام. وتمويه على من لا يعلم بأنهم لو أظهروا ما عندهم من العلم لأنكره من يسمعه ويعجب منه، وكفّر أهله. وهذه تقدمة يجعلونها فى نفوس المخدوعين لهم ليواطؤونهم على أن لا ينكرون ما يسمعون منهم، ولا يدفعونه فيجعلوا (ص ٦٩) ذلك تأنيسا وتأسيسا لينخلع من الشرائع وترتيب أصولها، ويقلع عن الحرص فى طلبها.
وربما قالوا لهم شيئا يموّهون به أن له تفسيرا وإنما هو تقليد فى الديانة. فمن مسائلهم: ما معنى رمى الجمار؟ وأعداده المحصورة فيه؟ والعدو بين الصفا والمروة؟ ولم قضت الحائض الصيام ولم تقض الصلاة؟ وما بال الجنب يغتسل من ماء دافق لشئ طاهر منه البشر ولم يغتسل من البول النجس الكثير القذر؟ وما بال الله عز وجلّ خلق الدنيا فى ستة أيام، أعجز عن خلقها فى ساعة واحدة؟ وما الصراط المضروب فى القرآن مثلا؟ والكاتبين الحافظين؟ وما بالنا لا نراهما