وكيف صوّرها، وأين مستقرّها، وما أول أمرها؟ والآن ما هو وما حقيقته؟ وما فرّق من حياته وحياة البهائم. وفصل ما بين حياة البهائم وحياة الحشرات؟ وما بانت به الحشرات من حياة النبات؟ وما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلقت حوآء من ضلع آدم؟ وما معنى قول الفلاسفة: هو العالم الصغير؟ ولم جعلت قامة الإنسان منتصبة دون الحيوان؟ ولم جعل فى يديه عشر أصابع وفى رجليه عشر أصابع؟ ولم جعل فى أربع منها من يديه ثلاثة شقوق وفى الإبهام شقان؟ ولم جعل فى وجهه سبع ثقب وفى سائر بدنه ثقبان؟ ولم جعل فى ظهره اثنا عشر عقدة وفى عنقه سبع؟ ولم جعل رأسه فى صورة ميم، ويداه ح، وبطنه ميما أخرى، ورجلاه دالا، حتى صار ذلك كتابا مرسوما يترجم عن محمد؟ ولم جعلت أعداد عظامكم كذا وأسنانكم كذا؟ ولم صارت الرؤساء من أعضائكم كذا؟ وذكروا له شيئا من التشريح والقول فى العروق وفى الأعضاء ووجوه منافع الأعضاء.
ويقولون لهم: ألا تفكرون فى حالكم وتعتبرون، وتعلمون أنّ الذى خلقكم حكيم غير مجاذف، وأنه فعل جميع ذلك بحكمة، وله فى ذلك أغراض باطنة خفيّة، حتى جمع ما جمعه، وفرّق ما فرّقه. وكيف يسعكم الإعراض عن هذه الأمور وأنتم تسمعون قول الله تعالى ({وَفِي أَنْفُسِكُمْ}