ثم إنّ جعفر بن فلاح أظهر عدم الرضى بقتله، وأنّ ذلك كان بغير إرادته، وقبض على الذين (ص ٨٦) قتلوه فأوثقهم، وبعث بهم إلى ابن ملهم. وقال له: هؤلآء الذين قتلوا غلامك. فقال: هو غلامى وقد وهبته. وأطلق الذين قتلوه. وقد علم أنه هو الذى أمر بقتله ولو قتلهم قتله بهم.
وكان مما اتفق لدمشق من الأمر المذموم أنّ مشايخ من أهلها ساروا إلى طبرية يتلقّون جعفر بن فلاح، فيهم عقيل بن الحسن بن الحسين العلوى، وابن أبى يعلى العبّاسى. فأدركوا يوم دخولهم طبريّة قتل فاتك، والفتنة ثائرة والمغاربة قد ركبوا يأخذون الناس. فوجدوا القوم المشايخ الذين قدموا من دمشق. فأخذوهم وجرّدوهم عن ثيابهم وتواعدوهم وضربوهم. وقالوا: أو ذا نحن سائرين إليكم. فرجعوا إلى دمشق فى أسوأ الأحوال وأخبروا بما جرى عليهم من قوم جفاة قباح المناظر والزىّ والكلام، ليس لهم عقول يرجعون إليها.
فلما سمع الناس ذلك ارتاعوا منه وتوحّشت قلوبهم. وكان شمول قد سار من دمشق فلقى جعفر بن فلاح بطبرية قبل ذلك، وخلا البلد من سلطان. فطمع الطامع وكثر الدعّار وحمّال السلاح.
ولما قتل جعفر بن فلاح فاتكا عمل على قلع بنى عقيل من حوران والبثنيّة. فأنفد إليهم مرة وفزارة ليقلعهم من الدار، وبعث