ثم إن القرامطة خرجوا من بلدهم متوجهين إلى أرض الكوفة، ثم كانت لهم إلى بغداد مراسلات. وأنفد إليهم خزانة سلاح من بغداد وتوقيع بأربع مئة ألف درهم على أبى تغلب بن ناصر الدولة ابن حمدان. ورحل القرمطىّ عن الكوفة فنزل الرحبة. وكان عليها أبو تغلب المذكور فى قصة له. فحمل إليهم العلوفة، وحمل إليهم المال الذى كتب لهم به، وأرسل إلى سيد القرامطة-وهو يوم ذاك الحسن بن أحمد بن أبى سعيد الجنّابى المقدّم ذكره-يقول له:
هذا شئ (ص ٩١) أردت أن أسير إليه بنفسى، وأنت تقوم مقامى فيه، وأنا مقيم فى هذا المقام إلى أن يرد علىّ خبرك. فإن احتجت إلى مسيرى سرت إليك. ونادى فى عسكره: من أراد المسير من الجند الإخشيديّة وغيرهم إلى الشام فلا حجر عليه، فليسر مع السيد الحسن ابن أحمد، فالعسكران واحد.
فخرج إلى عسكر القرمطىّ جماعة كبيرة من عسكر أبى تغلب.
وكان فيه كثير من الإخشيدية الذين كانوا بمصر وفلسطين. ولما بلغ القرمطىّ ذلك سرّه وزاده قوّة. وسار إلى الرحبة طالبا لعسكر ابن فلاح.
فلما كان يوم الخميس لست خلون من ذى القعدة سنة ستين