القرامطة فنزلوا الرملة، ونصبوا للقتال على يافا، حتى كلّ الفريقان من القتال. وصار يحدّث بعضهم بعضا. واستقرّ القرامطة بالرملة يجبون المال. فلما أمن هفتكين من نحو مصر والرملة، وعلم أنّ القرامطة كفوه ذلك الوجه، عمل على أخذ السّاحل. فسار بمن اجتمع إليه ونزل صيدا. وكان بها ابن الشيخ واليا ومعه رؤساء من المغاربة، ومعهم ظالم العقيلى. فقاتلوا هفتكين أشدّ قتال. وكانوا كثرة. فاحتال عليهم هفتكين أنه جزعا منهم وأظهر لهم أنه مهزوما منهم.
فخرجوا يتبعونه. فقال لهم ظالم: لا تتبعونه لئلا يكون مكيدة منه ليستخرجكم من حصنكم. فسمعه ابن كرامة المغربى فقال له: يا شيخ أنت دسيس على أمير المؤمنين. فلما استدرجهم هفتكين من حصنهم أميالا عطف عليهم عطفة، فلم يسلم منهم غير المخفّين. وانهزم ظالم إلى صور. وقتل شيخهم ابن كرامة. ثم عدّ القتلى منهم فكانوا أربعة آلاف نفر. فحملت رؤوسهم وأتوا بها دمشق ونصبت.
ثم إنّ هفتكين طمع فى أخذ عكّا. وكان بها جمع من المغاربة. فقاتلوه من خلف الأسوار. وكان العزيز بالله قد ندب القائد جوهر للقتال والخروج إلى الشام. فسار فى جيوش كثيفة لم يخرج لهم قبل ذلك مثلها، وتواترت الأخبار على هفتكين بسيره وهو على عكّا.