للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحد جريدة بآخرها مسمار من حديد، وتركوا جادة الطريق، وسلكوا طريق الساحل، وكان بينهم وبين المهجم مسيرة ثلاثة أيام للمجدّ.

وكان الصليحىّ قد سمع بخروجهم، فسيّر خمسة آلاف حربة من الحبشة الذين فى ركابه لقتالهم، فاختلفوا فى الطريق. فوصل سعيد ومن معه إلى [طرف] المخيم، وقد أخذ منهم التعب والحفاء وقلّة المادة. وظن الناس أنّهم من جملة عبيد العسكر. ولم يشعر (ص ٢٤٠) بهم إلاّ عبد الله أخو [علىّ] الصليحىّ. فقال لأخيه: يا مولانا اركب، فهذا والله سعيد بن نجاح. وركب عبد الله. فقال الصليحىّ لأخيه:

إنّى لا أموت إلاّ ببئر أمّ معبد. معتقدا أنها بئر أم معبد التى نزل بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، لما هاجر إلى المدينة. فقال له رجل من أصحابه:

قاتل عن نفسك، فهذه والله الدهيم وبئر أمّ معبد. فلما سمع ذلك الصليحىّ زمع اليأس من الحياة، وبال فى مكانه، ولم يبرح زامعا بمكانه حتى قطع رأسه بسيفه، وقتل أخوه معه وسائر الصليحيّين. وذلك فى الثانى عشر من ذى القعدة سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة. وهو الصحيح، ليس فى هذه السنة.

ثم جلس سعيد على فراش الصّليحىّ، وأرسل إلى الخمسة آلاف التى كان أرسلها الصّليحىّ إليه وقال لهم: إنّ الصّليحىّ قد قتل، وأنا رجل منكم. وقد أخذت بثأر أبى. فقدموا عليه ودخلوا تحت طاعته، واستعان بهم على قتال من تبقّى من الصليحيّين وجموعهم، واستظهر عليهم قتلا وأسرا، ثم رفع رأس الصليحى على عود المظلّة،