تعجّبت من أمر الأحدب. ثم إنها صارت تعاوده وكلّما انتهت إليه يعطيها كيس فيه ألف دينار. وامتحن الأحدب بها، فلما علمت الجارية أنّها أخذت بقلبه سألته عن أمره، ولم تزل به حتى اعترف.
فقالت: أشتهى أتوجّه معك وأتفرّج فى هذا المكان. فأنعم لها بذلك.
وأردفها خلفه على تلك البهيمة وأتى إلى المكان. فنظرت الجارية إلى ما أبهر عقلها. ثم إنها نظرت إلى بدنة لؤلؤ كبار مفصّلة بقضبان الزمرّد وقطع الياقوت البهرمان وقطع البلخش. فقالت: لابدّ لى من هذه البدنة. فقال الأحدب: وقد غلب عليه هواه لشقاه: هى لك.
فأخذتها وافترقا. ثم إنه كان قد ولد للأفضل مولودا، فعمل له مهمّ كبير اجتمع فيه سائر نساء كبار الدولة. فلبست تلك الجارية تلك البدنة فوق سائر قماشها. فعادت تشتعل كالجمر. فلما رأوها بقية الحضايا عرّفوا الأفضل، فأمر بإحضارها، واستقرّها فاعترفت على الأحدب.
فأحضر، وتوجّه الأفضل معه وتسلّم الكنز، ولم ير بعدها الأحدب.
فكان هذا سبب سعادة الأفضل التى يخامر العقول ذكرها، كما يأتى بعض شئ من ذكر ذلك مما وجد فى تركته عند وفاته مما أثبت ذلك جماعة <من> المؤرخين منهم القاضى ابن خلّكان رحمهم الله.