الكتاب وشهد أحداثها، تلك التى عاشها أبوه وجده-وكان لهما قسط واضح فى المشاركة فى الأحداث المعاصرة-لخرجنا بحقبة زمنية تمتد على وجه التقريب من أوائل القرن السابع حتى قرابة منتصف القرن الثامن للهجرة-وهى حقبة لها أهميتها التاريخية البالغة بوصفها تمثل عصر الانتقال من دولة الأيوبيين إلى دولة المماليك؛ أو بعبارة أخرى الانتقال من العصر الذى اكتمل فيه بناء دولة الأيوبيين وبدأت تنخر فى جسمها العوامل الداخلية والخارجية التى أدت إلى سقوطها من ناحية، إلى العصر الذى نضجت فيه ملامح ومقومات دولة سلاطين المماليك لتصبح قوة فعالة، تمثل دولة من أغرب الدول التى عرفها التاريخ سواء من ناحية تكوينها أو من ناحية نظمها أو من ناحية الدور الحربى والسياسى والحضارى الذى قدر لها أن تلعبه على مسرح الشرق الأدنى أواخر العصور الوسطى.
فمؤلف هذا الكتاب الذى عاصر فترة نشطة حافلة بالأحداث فى صدر دولة سلاطين المماليك، ربطته ببعض بقايا ملوك بنى أيوب صلات قوية مما جعله يقف على تفصيلات عديدة عن الأيوبيين وحياتهم الخاصة ودقائق ما كان يجرى بين بعضهم وبعض من أحداث وأحاديث تلقى أضواء جديدة على روح العصر من ناحية وعلى حياة ملوك بنى أيوب الخاصة والعامة من ناحية أخرى. بل إن المؤلف يقول فى صراحة عند كلامه عن ابتداء دولة ملوك بنى أيوب فى بداية هذا الجزء السابع من كتابه كنز الدرر، إنه صاحب الملك الكامل بن الصالح إسماعيل الأيوبى، وأن الصداقة بينهما اشتدت إلى درجة أنه «كان يطلعنى على كثير من أسراره».
وعند ما يشير المؤلف إلى جده عز الدين أيبك صاحب صرخد (ت ٦٤٥) يبدو لنا بوضوح مدى مشاركة هذا الجد-الذى نسب إليه المؤلف-فى صنع الأحداث التى كانت تجرى على مسرح بلاد الشام فى النصف الأول من القرن السابع للميلاد.