ثم إن الأمير عز الدين أيبك-جد المؤلف-لم يكن مجرد أمير من أرباب السيوف الذين لا شغل لهم فى الحياة إلا المساهمة فى تبعات الحكم، وإنما يبدو مما كتبه حفيده -صاحب هذا الكتاب-أن الأمير الجد عرف بشدة التدين والحرص على تلاوة القرآن الكريم، والاشتغال بالكتابة، فكانت له كتابات بخط يده كما كانت له خزانة كتب عامرة. وهنا يكشف المؤلف عند إشارته إلى جده فى هذا الجزء عن حقيقة جديدة هامة هى أن أسرة ابن أيبك تنحدر من نسل بنى سلجوق، وأن عز الدين أيبك اسمه الحقيقى ميكائيل بن بهرام، أسره الخوارزمية، وباعوه للملك المعظم الأيوبى، فنسب إليه وصار يعرف بالمعظمى. ويلقى المؤلف أضواء جديدة على أسرته-فى هذا الجزء السابع من كتابه-فيروى أن السلطان الصالح نجم الدين أيوب هو الذى كاد لجده الأمير عز الدين أيبك ودسّ له السم ليتخلص منه ويستولى على أمواله وممتلكاته. فلما أحس الأمير أيبك بالسم يسرى فى جسده، وتحقق من مؤامرة السلطان الصالح، دبر للسلطان مؤامرة أدت إلى إصابته بمرض السقية الذى مات به بعد ذلك. وكانت من جملة جوارى الأمير أيبك-اللائى استولى عليهن السلطان الصالح-أم عبد الله والد المؤلف، وهى امرأة خطائية الجنس، فباعها الصالح-وهى حامل بوالد المؤلف من الأمير عز الدين-إلى رجل من كبار أهل صرخد، فولدت عنده. ونشأ عبد الله-أبو المؤلف-عند ذلك الرجل، حتى بلغ السابعة عشر من عمره وعندئذ انتقل إلى السلطان الظاهر بيبرس فى قصة طويلة، فأنعم عليه بإقطاع عبرته ألفى وأربعمائة دينار، وسلمه للأمير سيف الدين بلبان الرومى الدوادار، وقال له «علمه وخليه يمشى معك» فعرف عبد الله-أبو المؤلف- بالدوادارى.
ويفهم من سياق هذه القصة أن عبد الله بن أيبك-أبا المؤلف-نشأ هو الآخر