نشأة قويمة، حيث أن الرجل الذى اشترى أم عبد الله «كان دينا. . . وكان رجلا فقيها صوفيا فاضلا محققا، له عندى كتاب تأليفه بخطه فى التصوف». مما يشير إلى أن والد المؤلف نفسه شب فى بيت علم وأدب. هذا إلى أن عبد الله والد المؤلف كان مقربا من السلطان الأشرف خليل بن قلاون ثم من السلطان الناصر محمد بن قلاون، الذى أمّره وولاه بلبيس والعربان سنة ٧٠٣ هـ، فأقام إلى سنة ٧١٠ هـ، فنقله إلى الشام بسؤاله، وجعله مهمندارا، ثم ألزم بشد الدواوين بدمشق. . . وهكذا ظل والد المؤلف يشارك فى شئون الحكم حتى وفاته سنة ٧١٣ هـ.
وهكذا ولد أبوبكر-مؤلف كنز الدرر-وشب فى بيت عرف قيمة العلم وقدره.
وإذا كانت المصادر المعاصرة قد صمتت صمتا غريبا عن ذكر شئ عن حياة أبى بكر ابن عبد الله بن أيبك، إلا أن مؤلفاته العديدة تشهد على تمرسه فى حياة العلم وسعة معلوماته وأفقه. ومن جملة هذه المؤلفات التى ألفها صاحب كنز الدرر كتاب فى خطط القاهرة، أسماه «اللقط الباهرة فى خطط القاهرة» ومعروف عن موضوع الخطط أنه ليس بالموضوع السهل، وأنه لا يجرؤ على الخوض فيه إلا عالم متمكن واسع المعرفة. كذلك يشير المؤلف فى هذا الجزء السابع إلى أنه كان يرجع إلى مسوداته بين حين وآخر ليتحقق من حدث أو نبأ، مما يوضح أنه كان حريصا على تدوين ما يتوصل إليه من معلومات فى مسودات يرجع إليها وقت الحاجة، وهذا أسلوب لا يأخذ به إلا صاحب منهج علمى منظم.
(٣)
أما عن كتاب كنز الدرر لابن أيبك فإن الصفة الغالبة عليه هى الإيجاز الشديد، والاكتفاء بالإشارة إلى الأحداث الكبرى الرئيسية دون الدخول فى التفاصيل،