بقوم وافوه من عرب الصعيد، كان قد نفذ إليهم أموالا، فأتوه فى تلك الساعة.
فانهزم الروم وشاور، وكسرهم أسد الدين كسرة عظيمة، وأخذ صاحب قيسارية أسيرا مع جماعة من أصحابهم. وعاد شاور والملك مرى إلى القاهرة فى أنحس الأحوال.
وسار أسد الدين إلى إسكندرية، فأقام بها مدة يسيرة. فجيّش الملعون مرى الجيوش، وحزّب الأحزاب، وجاءوا إلى الإسكندرية. وكان أسد الدين قد ترك صلاح الدين بإسكندرية، فى شرذمة يسيرة من الجيش، وأصعد هو وعساكره إلى الصعيد الأعلى، فجبى منه الأموال، واستخدم الرجال، واستجلب العربان.
وحضر شاور والملك مرى بجيوشهما، فنزلا على حصار صلاح الدين بالإسكندرية برّا وبحرا. وضيقوا عليه ضيقة عظيمة، وأقاموا محاصرينه سبعة وخمسين يوما.
وأعان الله صلاح الدين ومن معه على تلك الجموع العظيمة، وصبروا لهم مع ما كان البلد فيه من قلة القوت والسلاح.
فلما كان بعد ذلك، وصل أسد الدين من الصعيد، ونازل القاهرة وحاصرها، وضيق على من بها وعلى العاضد صاحب القصر. فاتفق رأى كبار البلد مع رأى العاضد أن يصالحوه، على أن يسلم لهم صاحب قيسارية المأسور معه وجميع الأسارى الذين معه، ويرجع عن حصارهم وقتالهم، ويأخذ ابن أخيه صلاح الدين ويتوجه إلى بلاده بدمشق، ويرتفع شاور والملك مرى عنهم. فاتفق الحال على ذلك، وعاد كل أحد إلى بلاده، وأقام شاور بعد ذلك أياما يسيرة.
فما كان بعد قليل حتى عاد الملك مرّى-لعنه الله-على بدء، لما حدثته نفسه بأخذ ديار مصر، وصحبته الإسبتار، فنزل على بلبيس وفتحها، وقتل جميع من كان بها، وسبى النساء والأطفال، وأبدع كل الإبداع. فلما سمع شاور ذلك نهب مصر لنفسه، وهتك أهلها، وجمع أموالا عظيمة من أموال الناس، وقتل عدة من أهلها،