فلما وصل الكتاب إلى نور الدين بكى، وكان عظيم النخوة للإسلام، رحمه الله. وأرسل إلى أسد الدين شير كوه-وكان مقيما بحمص-وفتح له الخزائن، وأطلق له الأموال، وأمره بسرعة المسير. وتوجه [أسد الدين] إلى الديار المصرية، وعبر من البرية على طريق البدرية إلى مصر، وعدة جيشه عشرة آلاف فارس شجعان، أقيال، معتادين للحرب والطعن والنزال.
قال صاحب التاريخ: وأمره نور الدين أن يصحب معه صلاح الدين، فكره صلاح الدين التوجه. قال صاحب التاريخ: قال صلاح الدين «لقد كان أمرنى نور الدين بالمسير إلى الديار المصرية، وكنت كارها لذلك. فلما فتح الله علىّ بالبلاد، قلت صدق الله العظيم {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ»}.
فلما قرب أسد الدين السويس، بلغ الفرنج مجيئهم، فرحلوا عن القاهرة. وقيل بل كانوا على بلبيس، فرحل الملك مرّى، ونزل على سمنود. وكانت ليلة رحيله ليلة وصول أسد الدين شيركوه إلى القاهرة، فدقت لهم البشائر. وكان عند المسلمين يوما عظيما كونهم فكّوا من الأسر.
وأما الملك مرى-لعنه الله-فإنه جهز مائتى قنطارية وخمسين قنطارية، وألفى رجل، ليأخذ قليوب، فحشد المسلمون، وخرجوا إليهم، والتقوا بهم على دجوة، فكشوهم من غير أن يجرى بينهم قتال. ثم إن الملعون جرد ثلاثمائة قنطارية وثلاثة آلاف رجل إلى جزيرة إبيار، فنهبوا وسبوا وقتلوا. وجاءت