المسلمون إلى الطرانة، وعملوا جسرا من الطرانة إلى الجزيرة، وعدوا إليهم، فانكسرت المسلمون. فلما كان بعد الظهر جاءت عرب من البحيرة وجماعة من القبائل وعرب من الفيوم، ومن الصعيد، وقالوا:«وا إسلاماه» وحملوا حملة واحدة، فانكسرت الملاعين، وأخذهم السيف من الظهر إلى ثانى يوم الظهر، وقتلت سائر خيالاتهم. ولم يعد منهم إلى الملك مرّى غير اثنى عشر نفرا من الخيالة؛ والرجالة قتلوا عن بكرة أبيهم. ثم إن الملعون مرّى رحل من على سمنود، ونزل اسكندرية، وقال لأهلها:«سلموا إلىّ هذا البلد وأنا أحط عنكم المكوس، وأوسعكم عدلا». فقالوا:«معاذ الله أن نسلم الإسلام للكفر».
هذا وشاور يراسل مرّى ويهاديه، ويظهر له الود والنصح، ويقول:«الفرنج ولا أسد الدين شير كوه». وعاد الملك مرّى نازل على الإسكندرية من الجانب الغربى، والمراكب تحمل إليه جميع ما يحتاجه. وكان الوالى يوم ذاك بالإسكندرية نجم الدين ابن فضل، والقاضى بها ابن الخشاب، والمحتسب الضياء بن عوف، والناظر الرشيد ابن الزبير، فجمعوا القبائل، وحصنوا البلد.
ثم إن أسد الدين شيركوه تجهز وطلب الإسكندرية، ونزل عليها من الجانب الشرقى. ثم التقى الجمعان على الإسكندرية، ولم يجر بينهما قتال. ومشى الرسل بينهم فى الصلح، فاصطلحوا. ورحل الملك مرّى إلى الشام فى البر. وتوجه أسد الدين إلى القاهرة، فأخلع عليه العاضد، وعلى سائر من معه، ونزل على ظاهر القاهرة بمسجد التبن.
وفيها كانت الوقعة بين نور الدين الشهيد وبين الفرنج على حارم، وكسرهم