ضياع ومزدرعات وأشجار، ذات ثمار عجيبة، وفواكه لذيذة، ما لا يعلمها إلا الله تعالى. ويعمّ ذلك النهر أراضى ذات أعمال، وعمائر تقدير سنة طول، فى سنة عرض، عليها أمم وخلق، ذوو صور مختلفة، يرجعون جميعهم إلى سلطان تلك المدينتين.
وهاتان المدينتان تسميان باللغة التركية أيدرماق وأشرماق. ويقال لكل من يملكهما من نسل واحد وعظم واحد باللغة التركية ألطن خان، تفسيره ملك الذهب. ولم يكن للقوم عدو يخشونه، ولا منازع يخافونه، أهل عيش خضل، ولذة وفكاهة، وأكل وشرب وتناسل، من أحسن خلق الله وجوها، وأرطبهم أبدانا، وأنعمهم عيشا. يأكلون من أطيب اللحومات، وألذ الفواكه، لتلك الأراضى الحسنة، والمراعى اللذيذة، ذات الحشائش المختلفة، النابتة فى تلك الأماكن الخصبة، الصحيحة الهواء، العذبة الماء. فليس يرى فيهم مرض من الأمراض، ولا عاهة من العاهات، الفرح غالب على قلوبهم، حتى إذا ما مات عندهم الميت لا يعرفون البكاء عليه ولا الحزن، طوال الأعمار. لا يكاد الشخص منهم يموت إلا بعد المائة وما فوقها.
قال جبريل: ولهم فى ذلك معنى دقيقا، جل بحثنا عليه، وذلك أن صاحب هذا الكتاب برزجمهير بن البختكان قال-وإن لم يكن ذلك موافقا للشرع المطهر، فنحن إنما نذكره للتعجب لا للتصديق، فما على ناقل خبر من عتب-قال برزجمهير:
إن أول خلق هؤلاء القوم المذكورين أن بهذا الجبل المسمّى بقراطاغ مغار، مسافة علوها فيه من أسفله إلى حين يرقى إليها الراجل الشبق-بعد المشقة العظيمة والتعب والكلال-ثلاثة أيام، بطريق وعراء كثيرة التعاريج، متسلقة فى الجو. وأن