«أى أطام»، فكان أول من جلس على سرير الملك من هؤلاء القوم من ولد «أى أطام» الأكبر منهم، تسمى باللغة التركية «أى أطام كشكرى» معناه «الأب القمر الصغير». فأقام فى الملك ثمانين سنة، وهو الذى ابتنى تلك المدينتين العظيمتين-أيدرماق وأيشرماق-بناهما فى مدة أربعين سنة. ثم هلك، فقام بالأمر ولده، وكان يسمى بلغتهم «كشكرى بلجكى» معناه «فرخ كشكرى». فلما استقر له الأمر كان أبوه قد أوصاه أن يجعل رمته فى تمثال من ذهب مجوف، ويجلسه على كرسى فى بيت يصنعه له كالمعبد، فصنع له ذلك، وأحكم له البيت الذى جعله فيه، وأوقد عليه القناديل الذهب بالزيت المحكم الذى لا ينطفئ، لا ليل ولا نهار. وأقام له سدنة يخدمونه. وعاد ذلك مشهدا لهم وعيدا، يجتمعون إليه فى يوم تاريخ وفاة ذلك الملك، فيسجدون له، ويدعون عنده، ويقربون إليه من أعز أموالهم ومواشيهم.
وسمّى بعد ذلك كل من ملك من نسل ذلك الملك من ذلك الحين «ألطن خان» تفسيره «ملك الذهب». وأقاموا على ذلك ما شاء الله تعالى من الدهور، آلاف من السنين والقرون، وهم فى ألذ عيش وأهناه، لا يعرفون لهم عدوا ولا حربا ولا قتالا. انتهى كلام جبريل إلى هاهنا.
قلت: فأبى الدهر إلا أن يفرق شملهم، ويعيدهم عبيدا بعد الملك، وأذلاء بعد العز، كعادة الدهر وغدره، والزمان وشره. فكان موجب ذلك ما ذكره سليمان بن عبد الحق بن البهلوان الأذربيجانى، مما ذيله على كلام جبريل بن بختيشوع، وضمنه هذا الكتاب المذكور. قال سليمان بن عبد الحق: إنه كان بهذا الجبل المسمى «قراطاغ» عند منبع تلك البحيرة، وحوشا شدادا، سودا، كالبخاتى عظما، لا يطيق بشر أن يقرب تلك الأرض بما رحبت، لكثرة وحوشها، وخبث أسودها.