وهذيانه. ثم قال: فإن زاد المولود فى خلقه عن هذا التركيب، واتفقت له هذه الأسباب المشترطة كلها، زاد عمره على العمر الطبيعى بمقدار تلك الزيادة فى تركيبه، وإن نقص عن خلقه فى هذا التركيب نقص عمره بمقدار ذلك النقص. قال جبريل: ولذلك أن الطبيب الماهر والحكيم الحاذق إذا رأى طفلا كان أو غيره كاملا فى خلقه التركيب الأصلى فى سائر أعضائه، علم مقدار جولان الروح فى ذلك التركيب، وراعى مصالح الطبائع الأربع فى الأغذية، فأمكن أن يعيش ما قدر له، بشرط سلامته من الآفات العارضة، فيجب على الطبيب الحاذق اللبيب الفطن إذا كان بخدمة ملك أو رئيس أن ينظر إلى أعضائه وتركيبه، ويلاطف ما نقص منها، ويحفظ نقصها من أى الطبائع هى، فيكون اعتماده دائبا فى حفظ صحة تلك الطبيعة التى من جهتها نقصت الحملة عن الاعتدال. ثم تكلم كلاما كثيرا جدا، أطنب فيه إطنابا كثيرا، أضربت عنه. والذى تبين للعبد من هذا القول أن الأطباء وضعوا ذلك فخّا ليصيدوا به عقول الكبار من العالم، وأن لا يكون لهم غنى عن طبيب حاذق يلازم مجالسهم لحفظ الصحة من أمزجتهم. وليس نشك أن الله عز وجل خلق الداء والدواء، وإنما قولهم فى معانى التركيب وحياة العمر الطبيعى فمحال لا يصدقه مؤمن يؤمن بالله تعالى، وبما أتى به رسوله صلى الله عليه وسلم. والصحيح قول الإمام على-كرم الله وجهه-:
«العمر محتوم، والرزق مقسوم».
قال جبريل: ثم إن ذلك النسل الذى من ذلك الشخص كثر وتزايد، وبغى بعض على بعض، فأجمعوا أمرهم على أن يقيموا من بينهم رأسا يرجعون إلى كلمته، ويأخذ القصاص من بعضهم لبعض، فاتفق رأيهم على أن يكون الأكبر من ولد