قال: وكان فى جملتهم بنت، فعلق بها ذلك الشخص الوحشى، وواقعها، فولدت منه غلاما، فسموه أهله «تتار خان» -تفسيره الملك التائه-وسموا أبوه ذلك الشخص الوحشى «ألب قرا أرسلان بلجكى» معنى ذلك وتفسيره «فرخ الأسد الأسود». ثم توالدوا وتناسلوا، وكثروا وقتلوا تلك الأسود الذين فى تلك الأراضى، وأكلوا لحومها. وولد لتتار خان ولد فسماه قرا أرسلان بلجكى-على اسم جده.
ثم ولد لقرا أرسلان بلجكى ولد، فسماه تتار خان كشكرى تفسيره «تتار خان الصغير».
وهو أول من صنع الشبابة التركية المسماة بلغتهم «صبرغوا»، وصنعها لمشاكلة حس تلك الطيور التى بتلك الجزائر، فكان يعدى إليهم، ويصفّر بتلك القصبة، فتجتمع عليه الطيور من سائر نواحى الجزائر، فيصيد منها ما شاء أن يصيد. ثم ولد لهذا تتار خان كشكرى أولاد ثلاثة جكز خان، وأغزّ خان، وأطن خان.
قال سليمان بن عبد الحق: فهؤلاء الثلاثة أصول سائر بطون التتار، وانقرض ما سواهم. وتوالدوا، وكثر نسلهم فى تلك الأرض، وتفرقوا حول تلك البحيرة، وليس لهم ما يأكلوه غير وحوش ذلك الجبل، مع ما تنبت تلك الأراضى من أنواع النباتات. ثم ولد لجكز خان اثنا عشر ولدا ذكرا، فكان الأكبر فيهم يسمى تتار خان بيغو، وكان أعظمهم خلقا، وأقواهم بطشا، وأشجعهم نفسا. وكان يسطو على الأسود بغير سلاح، فيملكها بيده. وكان لما علموا أهل تلك الديار أن تلك الأرض خلت من تلك الوحوش الضارية، وأن عاد بها سكان وقطّان، ترددوا إليها، ونازلوا أهلها. ودخلت التتار تحت طاعة ذلك الملك المسمى ألطن خان، وعادوا يعبرون إليه، ويتقربون إليه بغرائب تلك الوحوش التى بذلك الجبل، وينعم عليهم بما يمونهم من قوتهم. وتخلقوا بأخلاق الآدميين قليلا، وإنما الغالب عليهم أنهم كالأسود. وعاد لهم الخيل والمواشى. ومات كبارهم.